هل يملك الإنسان سلطة على المد التكنولوجي؟
تحقق الثورة التكنولوجيا اليوم تطورا كبيرا، جعل الفرد يعيش في عالم تسيطر عليه منجزاتها سيطرة تامة. وقد جاء هذا التقدم التكنولوجي الهائل الذي اكتسح كل مناحي الحياة الانسانية، نتيجة استخدام وتطبيق المنهج العلمي الذي يعد من أهم مميزات العصر الحديث.
ومن تمة لا بد من الاعتراف بأن
التكنولوجيا لم تلعب في حياة الناس، في أي عصر من العصور السابقة، الدور نفسه الذي
لعبته في حياتهم الآن. لكن السؤال المطروح، يُسائل مظاهر هذه التحولات الجديدة
للتكنولوجيا، وانعكاساتها على الانسان، ويُجمل الباحثون والعلماء بأن التكنولوجيا
الحديثة، أحدثت تحولين كبيرين في حياة البشرية:
أولا: فَرض الثورة التكنولوجيا سلطتها على
الإنسان، لدرجة تقليل أهميته عن طريق نقل مهاراته وقدراته إلى الآلة، وتعطيل
مَلَكاته في التفكير والتنظيم والحِفظ. كما أنها بدأت تدخل مرحلة جديدة سوف يتم
فيها نقل عملية اتخاذ القرارات ذاتها من الإنسان إلى الآلة أيضا، لما تتضمنه من
برمجة دقيقة عالية وعملية.
ثانيا: تَعارض التكنولوجيا الحديثة مع كل ما
هو طبيعي. فهي تنشأ عن نظام مُصطنع، كما أن كل الوسائل والأساليب الحديثة التي
يستخدمها الإنسان وسائل مصطنعة وغير طبيعية، وهذا العالم المصنوع يحل تدريجا مع العالم الطبيعي ويعمل على خنقه
وقتله. والظاهر حتى الآن أن الوسط التكنولوجي يكتسح الوسط الطبيعي بسرعة فائقة،
وأن العالم في ظل هذا الاكتساح يسير سيرا حثيثا نحو وضع لن تكون فيه بيئة طبيعية
على الإطلاق.
أحمد أبوزيد، مجلة عالم الفكر، المجلد
الثالث، العدد الثاني 1976، ص: 147 وما بعدها بتصرف
إرسال تعليق