عَاد عَبْر (باريس) عِند عَودتِه من مُهِمّة، تَاقَت نفسه إلى التّجوال الحرّ، وما لَبِثَ أن وَجَد نفسَه في أحد المتاجِر الكُبرى الّتي في استطاعة الإنسان أن يَختار منها بنفسه ما يَشاء، وفعلاً انطلق يَملأُ الحقيبة الّتي حَمِلها مِن باب المَتجرِ من غير أن يَنسى أن يَملأ جُيوبَه أيضاً..
دفع أثمان البضائع الموجودة في الحقيبة،
وأغفلَ عمداً أن يَدفع ثمن البضائع الّتي في جيوبه.. فمن يَستطيعُ أن يراه؟ ومن سَيُراقِبه
ويُحاسبه؟ فَهنا كما في بلاده يُمكن أن يَسرق، كلّ ما يحتاجه المرء هو أنّهم عندما
يضبطونه أن يقف مَوقِف الّذي أهينت كرامته فيطالبهم بتعويض عن الإهانة، ثمّ ينتهي
الأمر إلى التّراضي، ويغنم هو ما في الجيوب.
اقترب منه
أحد المشتغلين في المتجر، وبكلّ أدبٍ واحترامٍ نبّهه إلى أنّ هناك بضائع نَسِي أن
يؤدّي ثمنها، وبَدل أن يعترف بالأمر الواقع ويؤدّي الثّمن وينصرف بسلام انطلق يُطالب
بتعويض عن كرامته الّتي أُهِينَت. في هذه الحالة أوقفه صاحبنا ونادى على الحرّاس
الّذين أخذوه إلى مركز الشّرطة في حالة اختلاسٍ، حَبسوه يومين كاملينِ، ولولا
تدخّل رسميّ لحبسوه لمدّة أطول.
عندما عاد إلى بلاده من مُهمّته قرّر أن
يعترف للجميع بأنّ أيّ بلد من بلدان العالم الّتي زارها لا يساوي بلاده، فهنا،
وللّه الحمد، يستطيع المرء أن يكون حرّاً يفعل ما يشاء، وتظلّ كرامته مصونة.
إرسال تعليق