U3F1ZWV6ZTQ4NTIyNzU1MDcxNzM5X0ZyZWUzMDYxMjM0OTcwMzc1MQ==
اِبحث داخل الموقع !

تواصل افتراضي ، أم نِفاق اجتماعي !؟ - عبدالحق وفاق

 

تواصل افتراضي ، أم نِفاق اجتماعي !؟


عبدالحق وفــاق



الإنسان حسب أرسطو كائن اجتماعي بطبعِه، سُرعان ما يفتح عينيه على العالم، يراوده فضول اكتشاف الأشياء والتعرف إليها على عجلة من أمره. لعل هذه الرغبة الجامحة في اكتشاف العالم مردها إلى كونه مائل بطبعه إلى النزوع إلى الآخَر، نُفورا من دائرته الضيقة المثالية، وكأنه في رحلة بحث عن تحققات لأشكال "الأنا" فيه.

منذ العصور القديمة كانت حاجة الإنسان إلى التواصل أمرا غَريزيا، عبره ينتقل الفرد من شكل "الأنا" إلى شكل "النحن"؛ بعبارة أدَق، من قِوامة "الأنا"   إلى قانون "الآخر". خاصة وأن عبر حضور هذا "الآخر" تَحضُر أشكالا ثقافية أخرى كاللّغة والسؤال والجواب...


      يكشف هذا القانون الطبيعي عن الحاجة إلى التواصل، الذي يشهد التاريخ على تَعدد أشكاله ووسائطه، مُرورا بالحركات والإيماءات فاللغة ثم الكتابة، وُصولا إلى الرَّقمنة في الآونة الأخيرة. 

في ظل هذا التحول النوعي، يشهد العالم اليوم تَطورا هائلا في رَقمَنة التواصل عبر ما أصبح يطلق عليه بـ"مواقع التواصل الاجتماعي" ؛wahtsap.-Facebook -viber- messenger ...التي تنمو على شكل طفرات نوعية قصيرة العمر ذكاء  بالحاجة إلى إعادة تحيينها وتحميلها وتجديد العلاقة بها. خاصة وأن هذه التطبيقات التي توفر عمليات التواصل اليوم، سرعان من تنزل إلى السوق تصبح متقادِمة، في ظل منافسة في تقديم الأسرع والأفضل لجَلب الأرباح بوثيرة  أسرع.

أمام هذا الإشباع من التواصل في شبكة واسعة من المواقع والتطبيقات التي توفر أشكالا من المحادثات والدردشات بالكتابة والصوت والصورة والفيديو، نطرح السؤال التالي: هل نحن أمام تواصل اجتماعي حقيقة  أم أمام عزلة اجتماعية!؟ . سِيما وأنه في غير ما مرّة تُسجّل حالات الشرود جانبك، في الحافلة أو المنزل أو المقهى أو الشارع العام،  لأُناس اتصلوا بعالمٍ وبأشخاص آخرين، وافتقدوا لِمن هم  حقيقة بجانبهم. 

لا مبالغة إذا قلنا إن العالم اليوم يعيش حالة إدمان على التواصل عبر هذه المواقع والتطبيقات. كما لا يمكن أن نجحد إيجابيات ومزايا هذه الوسائط المتعددة الجديدة في ظل استعمال رشيد ومعقلن. 

إذا كان التواصل المباشر بين الأشخاص يكشف على نوع من مشاعر الصدق والعفوية، فإننا اليوم من خلال هذه الفضاءات الافتراضية، نسجل حالة أخرى مما يمكن تسميته بـ-النفاق الافتراضي- عبر عديد من الممارسات والكتابات التي لا تترجم غالبا سريرة إحساسنا ومشاعرة وعلاقتنا بالآخرين؛ فكم من عبارات الإعجاب والمشاركة والتعليق والرد على بعض المنشورات لا تنقل صورة واضحة وصادقة عنا إلى الطرف الآخر في جهة الاتصال، الذي سرعان ما يتلقاها يُمطرنا هو الآخر بوابل من العبارات والكلمات التي تصنع مسلسلا من المجاملات التي تجعلنا نتساءل؛ هل نحن أمام تواصل اجتماعي فعلا أم أمام نفاق افتراضي؟

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق