U3F1ZWV6ZTQ4NTIyNzU1MDcxNzM5X0ZyZWUzMDYxMjM0OTcwMzc1MQ==
اِبحث داخل الموقع !

تحليل البعد النفسي في رواية الحي اللاتيني لسهيل إدريس (الجذع الأدبي)

 

تحليل البعد النفسي في رواية الحي اللاتيني لسهيل إدريس


 


تتميز شخصيات الرواية بالطابع الوجودي وبخاصية الاستهتار والعبث واللاجدوى والخوف والقلق واليأس. فبطل الحي اللاتيني عند وصوله إلى باريس كان يحمل معه نفسية شرقية يطبعها الحياء والانطواء والانعزال والحرمان والكبت والشذوذ، إذ استقصد باريس للارتواء الجنسي باحثا عن المرأة للتلذذ بها أو الاجتماع بها وجوديا. وقد أحس بالإخفاق والإحباط العاطفي وتعرض للخوف والقلق والاغتراب الذاتي والمكاني ولم يستطع أن يتكيف لا مع شرقه المستبد الممل ولا مع الغرب العبثي. وينتقل البطل بعد ارتباطه بجانين إلى التغني بالفردية والنرجسية بعيدا عن الهموم الجماعية والنضال الوطني. لينتهي به المطاف إلى الفكر الجماعي وعزمه في الأخير على النضال والتحرر.

 

نفسية الشخصيات:

 تتسم الشخصيات التي ساهمت في صنع الأحداث في "الحي اللاتيني" بنفسية تغلب عليها العواطف والأحاسيس التالية:

الكآبة:

منذ أن التحق هذا الشاب بباريس، وهو يبحث عن المرأة التي يحلم بها وتملأ خياله. مر خلال الأسابيع الأولى من تجارب قاسية لأنه لم يفلح في إيجاد فتاة غربية تبادله الشعور نفسه.

الحنين:

كان بين الفينة والأخرى يتذكر أفراد أسرته وناهدة.

الخشية والانقياد:

لما أنبأته جانين بحملها، وجد نفسه منقادا لأوامر أمه خشية عدم إيذائها وإضجارها، ومصغيا إلى عتابها .

مراجعة الذات:

ظل يبحث عن جانين – التي اختفت عن الأنظار بعد إقدامها على الإجهاض – إلى أن اهتدى إلى ترددها على كهف "برغولا". انبهر لما رآها في حالة يرثى لها (نحيلة، عيناها متعبتان ومجهدتان، تنتعل حذاء باليا). ولما دعاها للجلوس إلى طاولته، ظلا صامتين ومطرقين "كأن كلا منهما مجرم وضحية" ص 220. وحاول أن يكفر عن أخطائه بمصارحتها بالزواج .

 

العلاقات النفسية بين الشخصيات:

أ- علاقة الرغبة:

ما حفز الشخصية الرئيسة على الرحيل إلى باريس بغية تحرير الذات مما راكمته من ضروب الحرمان والكبت، وتتنفس هواء جديدا مفعما بمعاني الحياة الجديدة ومباهجها.

 

ب - علاقة الصراع:

    يمكن لهذه العلاقة أن تعيق العلاقتين السابقتين أي (علاقة الرغبة وعلاقة التواصل). وبقدر ما يوجد الطرف المعيق الذي يحول دون وصول الذات إلى الموضوع المبحوث عنه، يوجد طرف آخر مساعد يؤازرها ويساعدها على ذلك. فبمجرد أن أقلعت الباخرة التي تقل البطل إلى باريس، شعر بأن قوتين متعارضتين تتجاذبانه. قوة الشرق وقوة الغرب. ويرمز المنديل الذي تهاوى من بين أصابعه إلى قوة الشرق التي بدأت مساحتها تتراجع في قلبه لتكتسحها قوة الغرب بآمالها وأحلامها. حاول جاهدا أن ينخرط في الحياة الجديدة بما أوتي من حماس واندفاع لكنه لم يستطع ولم يكن قرار الزواج الذي اتخذه في آخر المطاف صادرا عن وعي وقناعة، وإنما إشفاقا على الوضع الذي آلت إليه جانين من جرائه.

 

الرؤية للعالم:

الرؤية القومية:

تسعى هذه الرؤية إلى مساعدة الطلبة العرب في باريس على إيجاد أنفسهم في عالم يقصيهم من حساباته وإشعارهم بمقوماتهم الحضارية واللغوية والدينية، وحفزهم على النضال القومي لتوحيد الأمة العربية والنهوض بها اجتماعيا وثقافيا. ولن يتحقق المبتغى إلا بعودة الطلبة إلى بلدانهم، والانخراط في الحزب الذي يتبنى المبادئ القومية. وقد عمل أصحاب هذه الرؤية (وفي مقدمتهم البطل وصديقه فؤاد) على تكوين رابطة الطلاب لجمع شمل الطلبة العرب في باريس وتأطيرهم بالمحاضرات الاجتماعية والقومية.

 الرؤية الاستعمارية:

تتعامل هذه الرؤية مع العرب كما لو كانوا متخلفين ومتوحشين. وترد على مطالبتهم باستقلال بلدانهم بالعنف والإرهاب. وتدعم فرنسواز سياسة بلادها في شمال إفرقيا. في حين تعارضها جانين بدعوى أنها لا تنسجم مع المبادئ التي رسخها التاريخ الفرنسي في عقول الناشئة:

 رؤية المستبد العادل:

ويتبنى عدنان هذه الرؤية التي كانت قد طرحت كشعار في بعض البلدان العربية فيما بين الحربيين العالميتين، واستعملت في مواجهة الاختيار الحزبي والبرلماني وكانت دعوة إلى التماس الحل في تركيز السلطة في قيادة "مستبدة عادلة" يكون على يديها خلاص الشعب ورقيه. ولهذا نجد عدنان يساند الانقلاب العسكري في سوريا مؤملا أن يفرز شخصية ملهمة وفذة تجد سندها في التراث العربي الإسلامي، وتذكر العرب بأمجادهم وبطولاتهم (وفي هذا الصدد تستحضر شخصية عمر بن الخطاب).


#منقول للاستفادة#
تعليقات
تعليقان (2)
إرسال تعليق

إرسال تعليق