U3F1ZWV6ZTQ4NTIyNzU1MDcxNzM5X0ZyZWUzMDYxMjM0OTcwMzc1MQ==
اِبحث داخل الموقع !

جماعة الديوان في الشعر الرومانسي العربي

 

تمرد مدرسة الديوان على حركة البعث و الإحياء:

إن الحديث عن مدرسة الديوان لا يمكن أن يتم بمعزل عن الإشارة إلى حركة البعث والإحياء, فقد لا نبالغ اذا قلنا بأن مقومات هذه الأخيرة وخصائصها كانت بمثابة الشرارة التي أطلقت مدرسة الديوان, على اعتبار أنها جاءت كرد فعل رافض لمبادئ الحركة الإحيائية همه الأول تقويض أركانها ومحاسبتها بشكل دقيق, فالاتجاه الإحيائي وكما تدل على ذلك تسميته قام على أساس مركزي يتعلق بإحياء القديم وبعثه من لحده, وتنصيبه كنموذج أعلى يتم الاقتداء به والاحتكام إلى أشكاله وقواعده باعتبار أنها القانون المؤطر لمجال تحرك شعراء البعث والإحياء و البوصلة التي يهتدون بها في نسج أشعارهم , ومن هذا المنطلق يمكن أن نقول بأن هذه الحركة ظلت تدور في فلك الماضي واعتباره المنطلق والمآل, لكن موجة التغيير لا تنحسر عند شاطئ معين بل تظل حرة طليقة عبر المكان والزمان لتسم كل مظاهر الحياة بطابعها, فكما ثار الإحيائيون على شعر عصر الانحطاط , كان من الطبيعي أن يظهر من سيصدح بصوت مخالف لصوتهم ويتبنى رؤية مخالفة لرؤيتهم, وقد تجسد هذا الصوت في التيار الرومانسي بصفة عامة , ومدرسة الديوان بصفة خاصة.

العوامل التي ساهمت في نشأة مدرسة الديوان:

استمدت هذه المدرسة اسمها من عنوان كتاب صدر سنة 1921 من تأليف العقاد والمازني , وتضم الثالوث عبد الرحمن شكري (1886_1958), عباس محمود العقاد (1889_1965), عبد القادر المازني(1889- 1849), وهم من جيل تفتح على الثقافة الغربية خاصة الأدب الإنجليزي , وكانوا جميعا من أقطاب الشعر لكن بدرجات متفاوتة على اعتبار أن المازني كان أقلهم نظما, و بالرغم من أن كل واحد منهم نشأ في بيئة مختلفة وتعلم بطريقة مختلفة عن الآخر , فقد اجتمعوا في الثقافة و الذوق الأدبي نظرا لسعة اطلاعهم وغزارة معرفتهم بمختلف صنوف الدراسات الدبية والنقدية عربية كانت أو غير عربية , فقد تم التعارف بينهم قبل الحرب العالمية الأولى وامتدت الصداقة بينهم لسنين طويلة مكنتهم من تبادل النقاش و تبادل الأفكار والآراء حول مختلف القضايا الأدبية, ويمكن أن نجمل العوامل التي ساهمت في نشأة هذه المدرسة في ما يلي :

Ø    انبثاق دواعي جديدة غيرت مفهوم الشعر و طبيعته و مناخه في البيئة الاجتماعية , فقد استنفذت مجموعة من المواضيع المطروقة سلفا دورها, كما أن البنية الاجتماعية تغيرت ومكان مقبولا في زمن ما أصبح متجاوزا ومرفوضا في زمن آخر, فلم يعد لشعر المناسبات صدى , ولم يعد الاستعراض  اللغوي و البلاغي هو الهم الأكبر , إذ لابد للشعر أن يلامس الشعور الحي ونبضات القلب , وأن يتمرد على ماتم التعود عليه لغة من لغة ,وموضوعات, وأنساق خنقت أنفاسه وكممت جموحه.

Ø    التأثر بحركة الشعر الأوروبي ولا سيما في الأدبين الإنجليزي والفرنسي , فقد تأثر الشعراء المجددون بواقع الحركة الرومانسية , فطائفة منهم تأثرت بممثلي بالتيار الرومانسي في الأدب الإنجليزي مثل (كولريدج Coleridge), (شيلي Shelley), (كيتس Keets) وغيرهم , بينما تأثرت الطائفة الاخرى بممثلي نفس التيار في الأدب الفرنسي مثل ( فيكتور هوجوVICTOR HUGO ),( دو موسيه DE MUSSET), و قد جاءت هذه المرجعية الغربية نتيجة لدراسة بعض هؤلاء الشعراء في أوروبا , واحتكاك البعض الآخر بفكرها وأدبها, وفي هذا الإطار يقول عباس محمود العقاد:  "الجيل الجديد بعد شوقي وليد مدرسة لا شبه بينها وبين من سبقها في تاريخ الأدب العربي الحديث, فهي مدرسة أوغلت في القراءة الإنجليزية, ولم تقتصر قراءتها على أطراف من الأدب الفرنسي كما كان بغلب على أدباء الشرق الناشئين في أواخر القرن الغابر ( 19م ). وهي على إيغالها في قراءة الأدباء الشعراء الإنجليز, لم تنس الألمان و الطليان والروس والإسبان اليونان واللاتين الأقدمين. ولعلها استفادت من النقد الإنجليزي فوق فائدتها من الشعر وفنون الكتابة الأخرى".

Ø    ارتباط أعضائها بعلاقة صداقة سهلت مهمتهم في تبادل الأفكار ومراكمة مجموعة من الآراء والنظريات التي ساهمت في تأطير التصور العام لمفهوم الشعر بالنسبة لهم على المستوى النظري , ليقوموا بعد ذلك بنقل ما خلصوا إليه إلى مستوى التطبيق من خلال إسقاطه  على إبداعاتهم في مجال الشعر.

 

منقول للإستفادة


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق