U3F1ZWV6ZTQ4NTIyNzU1MDcxNzM5X0ZyZWUzMDYxMjM0OTcwMzc1MQ==
اِبحث داخل الموقع !

مِن موت المؤلف إلى موت الناقد.. هل انتهى زمن النقد الأدبي الأكاديمي؟ _ نوردالدين بوصباع


بين من ينظر إلى الناقد باعتباره مبدعا فاشلا، يجتهد بطريقة تلفيقية ليجد لنفسه موقعا بين الكتاب والمبدعين، وبين من يعتبره فاعلا مهما في إضاءة عتمات النصوص، واستجلاء مضامينها الجمالية والرمزية، ومساعدة المتلقي على فهم خبايا النصوص الإبداعية إن تأويلا أو قراءة عاشقة أو موضوعاتية، هناك تحولات جوهرية حدثت نتيجة سلسلة من المتغيرات في طبيعة السياقات الاجتماعية والفلسفية والتاريخية و التي أثرت في مجمل رؤانا حول مجموعة من المفاهيم وفي شتى المجالات ، فمنذ إعلان فريدريك نيتشه عن موت الاله وميشال فوكو عن موت الإنسان، و رولان بارت عن موت المؤلف، وجاك دريدا عن موت الكلام... نكون قد دخلنا في مرحلة موت السرديات الكبرى التي كانت تؤطر وعيا معينا ما ومجموع سلط معينة، وبموتها لم نعد نتحدث عن البطل الاشكالي لجورج لوكاتش، الذي يبحث عن قيم نبيلة في مجتمع منحط، ولم نعد نتكلم عن السلطة مهما كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية إلا بكونها سلطة فوقية وقهرية تمارس وصايتها على الناس وتحتكر فائض قيمهم، ولم نعد نثق في مجمل الخطابات ولا في مختلف الشعارات بعدما تبين زيفها الإيديولوجي وتهافتها لخدمة السلطة أولا وأخيرا، ولم نعد نتحدث عن المثقف باعتباره فاعلا والمتلقي باعتباره منفعلا. بل أصبحنا نتحدث عن المثقف باعتباره متفاعلا فقط بعدما تم نزع جميع أشكال القداسة عن السلطة و أشكال تمثلها.

وبصدد حديثنا عن موت الناقد الأكاديمي والذي يشكل أيضا موته امتدادا لموت السرديات الكبرى، هل لازالت للناقد قيمته النقدية وللدراسات النقدية جدواها بعد انتشار الشبكة العنكبوتية، و تحلل المعرفة من أبراجها العاجية ومن أي سلطة فوقية كانت تعتبر نفسها المالكة للمعرفة، والتي كانت ولاتزال قراءاتها للمتن الأدبي تعسفية تطبعها الإسقاطات المفاهيمية والمنهجية، دون أن تستغرق في كشف خبايا النص الحقيقية.

الواقع أننا نعيش في زمن التحولات الكبرى والعميقة فالاستقطاب السياسي والمد الإيديولوجي والثورات الثقافية الذي عرفتها مرحلة ما قبل ثورة 1968 والثورة الرقمية، هي الآن جزء من الماضي بعد استبعاد أي شكل من أشكال الوصاية، وأي شكل من أشكال القداسة، وأي شكل من أشكال التبعية التي تجعل من المتلقي مجرد مستهلك للخطاب دون القدرة على تجاوزه أو استبعاده.

نورالدين بوصباع

 

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق