تتمة تحليل قصيدة "أريج المسك" لمحمد بن براهيم
التحليل:
الحقول المعجمية:
تتوزع مفردات القصيدة إلى حقلين
دلالين: حقـل الشكوى (دعوني، ما يقوى على حمله قلب، مدهي بخطب يسوؤني، الخطب،
دموعا سكبتها، أحزاني، دموع...)، وحقـل الفـخـر( أتيه وأزهو في الأنام، أرفع رأسي
شامخ الأنف، تعرفني الأخلاق، مجد، المال، الجاه، الفضل، النهى، العلم الآداب،
قريضي توحيه إلي قريحتي، قافية عصماء، كسب المحامد، يشكرك التاريخ والناس
والرب...). ونلاحظ هيمنة حقل الافتخار على باقي الحقول الدلالية الأخرى، بسبب رغبة
الشاعر في إبراز خصاله وفخره بنفسه وتمجيد ذاته. وتربط بين هذه الحقول علاقة ترابط
وتكامل لأن شكوى الشاعر من حياته، كانت حافزا للافتخار بنفسه، وإظهار خصاله ومزايا
أصحابه، وجعلته يسدي النصح للناس ليستفيدوا من تجربته في الحياة.
البنية الإيقاعية:
الإيقاع الخارجي:
نظم الشاعر قصيدته، على وزن بحر
الطويل، (فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن×2) الذي تنسجم تفاعيله وقوته مع غرض النص
الأساسي ألا وهو الفخر، كما التزم الشاعر وحدة القافية، التي جاءت مطلقة ورويها
متحرك وموحد وهو حرف الباء من الحروف المجهورة التي تتناسب وجهر الشاعر بخصاله.
يضاف إلى ذلك التصريع الوارد في مطلع القصيدة حيث تساوى العروض والضرب (مفاعلن).
الإيقاع الداخلي:
فنميز فيه بين التكرار والتوازي،
فالأول يظهر في تكرار حروف بعينها أهمها روي القصيدة الباء ثم حرف السين والهاء
والصاد وغيرها؛ وفي تكرار بعض الألفاظ (دموع، سكبتها، سكب، تعرفني..)، وهذا
التكرار أدى دورا توكيديا دعم غرض القصيدة، مما ساهم في خلق انسجام موسيقى النص
الداخلية. والثاني في التوازي الصرفي الذي يتعلق ببنية الكلمات مثل: (القلب/
الخطب، سكب/ عضب، صحب/ قعب...)، والتوازي التركيبي الذي تمثل في التوازي التركيبي
التام بقوله:
(وتعرفني الأخلاق والفضل والنهى
وتعرفني الآداب والعلم والكتب)
والتوازي التركيبي الجزئي في قوله:
(وما المرء إلا ذكره بفضيلة
وما ذكره إلا فعاله والكسب )
وقد تضافر التكرار والتوازي في خلق
موسيقى داخلية للنص، أضفت عليه جمالية وحلة تزيينية، مما ساهم في تقريب المتلقي من
قصد الشاعر وهدفه.
الصورة الشعرية:
اعتمد الشاعر بعض الصور الشعرية،
ملتزما بمكونات البلاغة القديمة، مثل التشبيه في البيت السابع عشر: (حديثهم كأنفاس
زهر الروض)، حيث شبه حديث أصحابه في حسنه كأنفاس الروض في رائحته، والاستعارة
المكنية في قوله في البيت السادس: (تعرفني الأخلاق)، حيث شبه الأخلاق بالإنسان،
فحذف المستعار منه (الإنسان) واحتفظ بأحد لوازمه (تعرفني)، وكذلك الأمر في الشطر
الثاني من نفس البيت (تعرفني الآداب)، إضافة إلى الكناية في البيت الخامس: (وأرفع
رأسي شامخ الأنف)، حيث كنى عن عزته ورفعته بشموخ أنفه. اذن لم يخرج بن ابراهيم عن
تقاليد القصيدة العربية في استناده على طريقة الشعراء القدماء، التي تعتمد في
صورها على الوصف بشكل كبير.
التركيب:
عبر الشاعر محمد بن ابراهيم في
قصيدته "أريج المسك" عن افتخاره بنفسه ومكانته الاجتماعية، وبما يملكه
من موهبة شعرية وفكرية، واعتزازه بأصحابه الذي يحتمي بهم في لحظات الشدة، فيقدمون
له الدعم والعون.
كما استجابت القصيدة لمقومات إحياء
النموذج المضمونية والشكلية، عبر اعتمادها لغة تقليدية، وصور شعرية بيانية قائمة
على التشبيه ةالاستعارة، واحترامها أيضا البينة الشكلية للقصيدة العربية التقليدية.
إرسال تعليق